قال مين فرعنك يا فرعون ...قال ما وجدت مين يَرُدُّني

(الأرنبة) ليست مؤنث أرنب وان بدا الأمر كذلك على ظاهر اللفظ ، إنما الأرنبة ظاهرة اجتماعية لها جمهورها ومريدوها والملتزمون بأدبياتها .
همس في أذني صديق بعيد كتابتي مقالة ( الكبسسة ) كظاهرة اجتماعية قبل مدة معرّيا فيها بعض رموز الفساد والمستغلين لسلاحهم أو لصلاتهم أو للثوب الوطني الذي يرتدون قائلا :


شكرت صديقي ( الصدوق ) عن ظاهر قلب ، وذكرته بأن ( من شق الأشداق تكفل لها بالأرزاق ) ورويت له حكاية الفاضل الذي عمل طويلا في مركز حساس ..والمشكلة أنه كان يعمل وحيدا دون ضميره ...يبكر إلى المدرسة وينسى ضميره في البيت إلى أن أصبح حضور الضمير هو الاستثناء والقاعدة تغييبه ، وتصور مؤسسة ضاع فيها الضمير والأيمان كيف تعمل :


اذا الأيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينا


ــ مالك ولهذه المسائل يا أستاذ ، أنت ترى تقلبات الحال ، وأولى لك المحافظة على وظيفتك والانشغال بعائلتك ...أنا أحبك وأحب مصلحتك ولا أريد لك إلا الخير ...


ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا



فاضلنا هذا لم يستوعب وجودَ مَن فطن لتغيب ضميره ، وما ينتج عن هذا التغييب المتعمد ، وحضرتنا لم نحتمل العمل في غاب . لذلك كان لا بُدّ مما ليس منه بُد ، يومها يا صديقي همس في أذني الكثيرون كهمستك ، قالوا: انه (واصل) و( انك لن تستطيع معه صبرا ) فهو سيدبر لك المكائد وسيوقع بك من حيث لا تدري ، دعه وشأنه ، وحط راسك بين هالروس ..... ، قلت لهم سأتركه حائرا ..قالوا : كيف ؟؟! قلت : ألا تعرفون المثل ( امشي صحيح يحتار عدوك بك ) ؟؟. وفعلا احتار عديم الضمير ... واختار أن يرتاح ويخلد إلى ضميره في البيت مُبكِّرا .


ما علاقة ذلك بالأرنبة والأرانب .... يُعرف حيوان الأرنب بالجبن والخوف ، فما أن يداهمه خطر حتى تنكمش جوانحه على بعضها ويفر إلى أقرب ملجأ يحتمي به من الخطر الداهم ، قد لا يكون طور كبقية الحيوانات وسائل المدافعة عن الذات وحماية النفس ، وقد لا يكون يملك بالفطرة روح الشجاعة لدرء الخطر ، كأنه مغرق في حب الدنيا يمنحها كله ولا تمنحه إلا بعضها أو أقل قليلا لذلك يفر إليها ولا تتلقفه ، من هنا أصبح الأرنب عنوانا للجبن والتخاذل ، فمن ينكصون عن مواجهة المعضلات يختبئون إن جدَّ الجِد ، وقد كانوا يُعربدون قبل قليل أمام العامة ، هؤلاء يتهامس الناس بهم قائلين ( هؤلاء هم الأرانب )


اجتماعيا وسياسيا ...الظاهرة موجودة ، وأذاها عام وطام ( كما يقول المثل ) على ضفاف هؤلاء الأرانب ينمو الكبابسة ويفرضون الأتوات ويعربدون ولا يجدون من يصدهم ويردهم ولسان حالهم ، (قال مين فرعنك يا فرعون ...قال ما وجدت مين يَرُدُّني) .....


أجزم أن خطر من يجبنون في مواقعهم خوفا على أرزاقهم أو أرواحهم هو أضعاف خطر الكبابسة والمتسلطين ..فلولا جبن الجبناء لما تمادى الأشقياء.


كنا نحتار في طفولتنا في إجابة سؤال أبي محمد لنا كلما التقانا : أرنب ونصف بقرش ونصف ، ثلاثة أرانب بكم !!


كان يأخذ بنا التفكيرُ كلَّ مأخذ ، فمنا من يقول :أربعةٌ ونصف ، ومِنا مَن يقول : ستة قروش ...ويتركنا أبو محمد ضاحكا ونحن نغوص في يم الحيرة إلى أن اكتشفنا أن أرنب ونصف بقرش ونصف وثلاثة أرانب بـ ....بثلاثة قروش ( هذا في عز السوق ) .


لك أن تختار ما أنت ومن أنت في هذه الدنيا ..لك أن تُمحِّص وتُعمِل بصرك وبصيرتك ، لكن إياك أن تكون أرنبا ، ولا حتى عضوا في تنظيم الكبابسة ، أفي ميدان السياسة كانوا أم في ميدان الحياة بكل معطياتها ، كن كما أنت وكما يرتضي لك ضميرك أن تكون ،لا تخف رزق الغد ولا سطوة سلطان ولا تجبر متنفذ ،( فلله الأمر من قبل ومن بعد)

مين ارنبك يا رنوب قال اللي ما لقي حدا يردو

مشكور على الموضوع الحلو

هاي فرعون